المنافسة محرّك رئيسي للنموّ والابتكار والإنتاجيّة، إذ يمكن لسياسات المنافسة المنفذة بطريقة سليمة أن تساعد في بناء أسواق فعّالة والحدّ من الفقر والتفاوتات الاجتماعية. انطلقت صباح اليوم أعمال منتدى المنافسة الثالث للمنطقة العربية الذي تنظمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في سلطنة عُمان، بالشراكة مع جامعة الدول العربيّة ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد( ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ((OECD ومركز التجارة الدولية (ITC) ووزارة التجارة والصناعة وتشجيع الاستثمار في السلطنة، لتسليط الضوء على فوائد المنافسة والبحث في سبل تعزيزها في المنطقة العربية.

 

وشهد الافتتاح كلمات لكل من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذيّة للإسكوا رولا دشتي، والأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، ووزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في السلطنة قيس بن محمد موسى اليوسف.

 

في كلمتها، ذكرت دشتي أن المنتدى يهدف إلى النهوض بسياسات وتشريعات المنافسة في المنطقة العربية، موضحةً أن المنافسة من شأنها زيادة نموّ الناتج بمعدّل يتراوح بين 2 و3 في المائة سنويًا، وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل، وتهيئة الأسواق لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، وتعزيز الابتكار، وتحسين رفاه المستهلك والمجتمع.

 

وتمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 90% من الأعمال التجارية في المنطقة العربية، فيمكن لقوانين وسياسات المنافسة أن تلعب دورًا أساسيًا في دعم أدائها وقدرتها على الصمود في السوق.

 

وتُعتبر سياسة المنافسة من أهم الأدوات التي يمكن للحكومات استخدامها بهدف تعزيز النمو الاقتصادي الشامل وزيادة الكفاءة الإنتاجية بخاصة بعد النمو السريع في الاقتصاد الرقمي الذي أحدثته أزمة كوفيد-19 والتحديات الجديدة التي جعلت من السياسات المبتكرة ضرورة لخلق اقتصادات قادرة على الصمود.

ويجمع المنتدى وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى من الدول العربية ومسؤولين في سلطات المنافسة وخبراء وأكاديميين وممثلين عن القطاع الخاص، سيناقشون آخر التطورات والإصلاحات والتدابير المتخذة في هذا المجال خلال الجائحة وما بعدها، وسيتبادلون وجهات النظر والخبرات. ويتضمن سلسلة جلسات حول المنافسة في الأسواق الإلكترونية، وسياسة المنافسة وترابطها مع السياسات الاقتصادية، ودور قانون وسياسة المنافسة في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأحكام المنافسة في الاتفاقيات التجارية وغيرها من المواضيع.

 

من ناحيته، ألقى أبو الغيط الضوء على ما تسببه الأزمات من اختلالات في التموين بالسلع الأساسية بسبب انتشار المضاربة وتعطل سلاسل الإمداد، الأمر الذي يشكّل اختبارًا حقيقيًا لقدرات الدول في منع الممارسات الاحتكارية والمضاربة. وأشار إلى أهميّة حماية المنافسة في الأسواق الرقميّة في ظل تطوّر التجارة الإلكترونيّة من خلال تطوير تشريعات عربيّة ملائمة وإنفاذ قوانين المنافسة.

 

وعلى الرغم من إقرار 20 دولة عربية قوانين للمنافسة، ووجود سلطات منافسة في 18 دولة، إلّا أن الإنفاذ لا يزال ضعيفًا، جاعلاً القانون غير فعّال في تحسين الأسواق وتطوير أدائها، إذ لا تزال دول عديدة تواجه تحدّيات تشريعية ومؤسسيّة.

 

وفي كلمة السلطنة، اعتبر اليوسف أن هذا المنتدى يشكّل فرصة للمنطقة العربيّة للمضي قدمًا وبفعّالية في تحسين الأداء في مجالات المنافسة ومنع الاحتكار لا سيّما وأن الجهد المطلوب كبير في مرحلة التعافي من جائحة كوفيد-19 ونشوء عالم شديد التنافس على الفرص الناشئة. وقال إن السلطنة تضع المنافسة ومنعِ الاحتكارِ في جوهر عملها الاقتصادي والتجاري، تجسيدًا لرؤيتها المستقبلية “عمان 2040”.

 

ويسعى منتدى المنافسة العربي إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين سلطات المنافسة في الدول الأعضاء للإسكوا. وهو منصة إقليمية تُعقَد سنويًا لتعزيز المعرفة وإشراك الأطراف المعنيّين وبناء القدرات استنادًا إلى أفضل الممارسات حول قوانين المنافسة والسياسات المتعلقة بها.

By haidar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *