×

السماعين: من المهم أن يكون هناك تحاور بين أتباع الأديان من أجل تغيير المجتمعات للأفضل وتطورها ومن أجل تحقيق السلام

حاورها – طلال السُكر –
بدأت الكاتبة والإعلامية، رلى هاني السماعين، عملها الصحفي، بموضوع مهم، هو الحوار بين أتباع الأديان، منذ أكثر من 12 عاماً، يوم كانت تعمل في صحيفة الجوردان تايمز، وتقول عن سبب إهتمامها، هو لاني شهدت الجهد الكبير الذي بذلة الاردن بقيادته الهاشمية الحكيمة في السعي لاحداث سلام وعلى كافة المستويات المحلية والاقليمية والعالمة، وأضيف بأنها جهود سباقة إنفردت المملكة الاردنية.
وتقول، سماعين، أن الحوار هو أسلوب خطاب العقلاء الذي من خلاله يمكن تحقيق التغيير المطلوب لارتقاء البشرية. لذا، من المهم أن يكون هناك تحاور بين أتباع الأديان من أجل تغيير المجتمعات للأفضل وتطورها
تعلمت أيضًا أن وطني الأردن، بالرغم من شح موارده الغذائية، هو في الحقيقة حصن آمن وبيت دافئ لكل من يطلب اللجوء والأمان.
وفيما يخص مفهومها عن السلام قالت الكاتبة والإعلامية رلى السماعين، بأنه لديها قناعة شخصية بأن السلام ليس منظمة أو مؤسسة أو مجموعة معينة، وليس تقليلًا من أهميتهم. السلام هو دافع داخلي لدى الأفراد لإحداث سلام في حياتهم الخاصة ومحيطهم
تاليا نص الحوار.
كيف بدأت الكاتبة والإعلامية، رلى هاني السماعين، الاهتمام بموضوع الحوار بين أتباع الأديان، وما الذي دفعك للتخصص في هذا المجال؟
ابتدأ مشواري الصحافي في التغطية والكتابة في موضوع جداً مهم، موضوع الحورات بيت أتباع الاديان من خلال عملي كصحافية في صحيفة الجوردن تايمز قبل أكثر من إثنا عشر سنة، حيث تخصصت في تغطية هذا الموضوع بالذات وباللغة الانجليزية مخاطبة بذلك العالم أجمع. ولكوني منفردة في هذا المجال وبعد أكثر من عقد من الزمن كتبت هذه التجربة في كتابي الاول الذي صدر باللغة الانجليزية ، ومن ثم تم ترجمته الى العربية ويحمل اسم “حصن السلام التجربة الارنية في الحوار بين أتباع الاديان ونموذج العيش المشترك”.
سبب إهتمامي هو لاني شهدت الجهد الكبير الذي بذلة الاردن بقيادته الهاشمية الحكيمة في السعي لاحداث سلام وعلى كافة المستويات المحلية والاقليمية والعالمة، وأضيف بأنها جهود سباقة إنفردت المملكة الاردنية عن دول المنطقة لبذل جهود كبيرة في موضوع الحوارات بين أتباع الاديان منذ أن أدركت قيادة الاردن بأن قدرنا هو تجسير الهوة بين الامة العربية والاسلامية بما فيها المكون المسيحي وبقية العالم، وبالذات مع في الفترة التي برزت فيها ظاهرة التطرف والارهاب. وهذا ما وثقته في كتابي بالاضافة الى توثيق الحياة والثقافة والجذور العميقة والمصير المشترك للاردنيين، مسلمين ومسيحين، عبر التاريخ.
2) من خلال تجربتك المنفردة في الأردن والشرق الاوسط كصافية سلام، كيف ترين دور الحوار بين الأديان في تعزيز التعايش السلمي بين مختلف المجتمعات؟ وما مفهومك عن السلام؟
الحوار هو أسلوب خطاب العقلاء الذي من خلاله يمكن تحقيق التغيير المطلوب لارتقاء البشرية. لذا، من المهم أن يكون هناك تحاور بين أتباع الأديان من أجل تغيير المجتمعات للأفضل وتطورها، ومن أجل تحقيق السلام. ومن الضروري وضع الحوار بين الأديان في قالب مبسط تعليمي للأجيال الشابة، ليعلم الجميع بأن السلام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تغيير نمط الحياة، وليس باستخدام الأسلحة. ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن نسعى لإيجاد الفرص لعقد اللقاءات والحوارات شالمة كافة اقطاب المجتمع.
الأردن، ونحمد الله على وطننا، في طليعة البلدان في المنطقة والعالم التي قادت جهود كبيرة في الحوار بين الأديان. هذا النجاح والتميز جعله مثالًا يحتذى به عالميًا، لأنه في الأوقات التي سادت فيها الشرذمة والتعصب وخطاب الكراهية، لعب الأردن دورًا محوريًا في بناء السلام محليًا وعالميًا من خلال مبادرات جريئة ومهمة.
أما السلام، فأفهمه على أنه قناعة شخصية بأن السلام ليس منظمة أو مؤسسة أو مجموعة معينة، وليس تقليلًا من أهميتهم. السلام هو دافع داخلي لدى الأفراد لإحداث سلام في حياتهم الخاصة ومحيطهم. السلام هو النظرة باحترام لكل ما هو مخالف ويختلف من أفراد أو مجموعات بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لونهم أو خلفيتهم مهما تنوعت.

السلام هو قوة. هم النساء والرجال القادرون على الوقوف ضد تيارات الشر التي تعصف بالمجتمعات. ومنبع السلام بالنسبة لي يعبر عنه في الآية من الكتاب المقدس: “الرب لا يقبل الظلم”.
السلام للأردن هو قيمة وأساس بنيت عليه المملكة وأُسست، بالإضافة إلى قيم العدل والمساواة. وهو جهد كبير قام ويقوم به قيادات المملكة، على رأسهم جلالة الملك عبدالله حفظه الله ورعاه.
3) ما هي التحديات الرئيسية التي واجهتك خلال مسيرتك كصحفية مختصة في السِلم المجتمعي وحاصلة على جائزة ولقب قائد سلام لعام 2023، وكيف تغلبت عليها؟
بنعمة من الله، حصلت على جائزة قائد سلام في مجال الصحافة والإعلام، وذلك تقديرًا لتخصصي المنفرد في حوارات الأديان والجهود من خلال قلمي واللقاءات المتعددة لنشر السلم المجتمعي على مدار أكثر من عقد من الزمن. الحقيقة أن الدفاع عن أهمية صناعة السلام والحوارات، خاصة بين أتباع الأديان، ليس بالأمر السهل. السبب في ذلك يعود إلى الجهل والقناعات المسبقة الخاطئة، بالإضافة إلى الترويج لتقليل أهمية مثل هذه الخطوات الهامة.
الدفاع عن حقوق الإنسان والحث على إحلال السلام والوئام بين الناس في المجتمعات مهمة صعبة للغاية. هناك دائمًا أطراف معاندة تنشر عقبات في طريق بناء عالم يصان فيه السلام ويخلو من انتهاكات حقوق الإنسان. ولكن القوانين، من ناحية، والاستمرار في نشر الوعي والتأكيد على أهمية اللقاءات والحوارات من خلال منصات إعلامية واعية وجادة في إرساء قواعد السلام، من ناحية أخرى، هما ما نحتاجه.
الإعلام مسؤولية، وعلى إعلام السلام مسؤولية مضاعفة.
4) اخبرينا على اللقاء الذي جمعك مع البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان؟ وماذا يعني لرلى السماعين ان تكون أول صحفية من الشرق الأوسط تحظى بلقاء البابا؟
خلال مشواري الصحفي، تشرفت بلقاء شخصيات قيادية في مختلف المراكز، محلية وعربية وعالمية، وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا، حفظها الله- رغم أن لقائي بجلالة الملكة كان سريعًا ومجرد مصافحة، إلا أنه عنى لي الكثير.
التقيت بجلالة الملك عبدالله في أكثر من مناسبة. من أبرزها عندما كنت مع عدد من الإعلاميين الأردنيين مع جلالته في إيطاليا عام 2019، حيث تم تكريمه بجائزة “مصباح السلام” لدوره الدؤوب في إحداث السلام المحلي والعالمي. مناسبة أخرى مهمة كانت في قصر الحسينية عام 2022، حيث دار الحوار حول تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا.
أما عن لقائي بالحبر الأعظم، بابا فرانسيس، فكان للمرة الأولى عندما ذهبت لمقابلة خاصة مع رئيس حوارات الأديان، الكاردينال جان لوي توران، رحمه الله، بخصوص مقابلة حصرية لنشرها في كتابي الأول “حصن السلام”. في ذلك اليوم، كان هناك قداس مفتوح يقيمه بابا فرانسيس، وحظيت بشرف الجلوس على يمينه ومصافحته عام 2016. دار بيننا حوار سريع طلب مني فيه الحبر الأعظم أن أذكره في صلواتي.
المرة الثانية كانت بعد إصدار الكتاب، قدمته هدية لبابا فرانسيس وتم تغطية الخبر في الصحف المحلية والعالمية. وقتها في عام 2018 تشرفت بالجلوس على شمال كرسي الحبر الأعظم خلال القداس ومصافحته. دار بيننا حديث سريع عن عبء العالم، وطلبت منه مباركة خاصة لوطني الأردن وكتابي.
5) حصلت على منصب رئيسة فخرية لمنظمة “أكاديمية جائزة المرأة العالمية”، وقد تم اختيارك لهذا المنصب الرفيع عام 2023 و2024 من بين قيادات نسائية عالمية. وأيضا تعتبري نموذجًا يحتذى به من خلال إنجازاتك الشخصية والمهنية. الان، نرى بأن لديك الفرصة للتأثير بشكل كبير والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي في حياة النساء حول العالم، بهدف بناء مجتمعات أكثر سلامًا وعدالة. تعليقك.
تقدير القيادات النسائية في مختلف التخصصات وإبرازهن أمر مهم للغاية. من ناحية، لأنهن يشجعن أخريات من القياديات على الاستمرار والتطور. من ناحية أخرى، يصبحن قدوة لنساء وفتيات أخريات من مختلف الخلفيات، ويعطي الثقة بأن المرأة قادرة على النهوض بنفسها وإحداث تأثير إيجابي في محيطها، والعمل يدًا بيد مع الرجل لتحقيق تقدم وازدهار مجتمعها.
التقدير مهم جدًا، فكيف إذا كان التقدير على مستوى عالٍ مثل اختياري رئيسة فخرية للنساء القياديات في الشرق الأوسط! هذه نعمة كبيرة وتشجعني على الاستمرار والتطور.
6) ما الذي جذبك للعمل في مجال الصحافة، وكيف أثرت خلفيتك الأكاديمية في تعليم اللغة الإنجليزية والعلوم السياسية على عملك الصحفي؟

بالنسبة لي، الصحافة ليست مجرد مهنة أو وظيفة. إنها رغبة كبيرة، وحب للعمل من أجل المصلحة المجتمعية والتغيير للأفضل. أعتقد أن التنشئة لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز حب المعرفة وعمق العلم والثقافة في داخلي.
7) في مسيرة رلى الصحافية والتي امتدت اكثر من ثلاثة عشر سنة، هل من قصة أو الحدث الذي أثر فيك بشكل خاص ولماذا؟
خلال مسيرتي الصحافية التي امتدت لأكثر من ثلاثة عشر عامًا، التقيت بالعديد من الشخصيات في مختلف المراكز وسمعت العديد من القصص وكتبت عن أحداث متنوعة، وكلها تركت أثرًا عميقًا في نفسي. من بين هذه التجارب كانت تغطيتي لنزوح الإخوة العراقيين إلى الأردن. هذه التجربة جعلتني أدرك أهمية الدور الذي يلعبه الصحفيون في نقل هذه القصص وإيصال صوت من لا صوت له إلى العالم. علمتني هذه التجربة أن الصحافة ليست فقط مهنة، بل هي رسالة إنسانية تهدف إلى تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والمساهمة في تحقيق التغيير الإيجابي.
تعلمت أيضًا أن وطني الأردن، بالرغم من شح موارده الغذائية، هو في الحقيقة حصن آمن وبيت دافئ لكل من يطلب اللجوء والأمان.
8) يعد كتابك الاول “حصن السلام” باللغتين العربية والانجليزية، عملت على إصدار كتاب خواطر وتأملات عنوانه “نحو الهزيع الرابع”، ومن ثم روايتك الاولى بعنوان “تفوح ناردينًا” ما هي الأفكار التي تودين إيصالها للقارئ من خلال مؤلفاتك؟
الكاتب يعكس فكره وقناعاته في كل ما يكتبه. ففي كتابي “حصن السلام” كان هناك عدة رسائل مهمة منها:
– السلام هو قيمة وعتبة أساسية بنيت عليها المملكة الأردنية الهاشمية. هذا هو سبب نجاح الأردن في قيادة العالم للتقريب بين أتباع الأديان المختلفة في ظل موجة من الانقسامات والفتنة والتوتر.
– حياة الأردنيين التشاركية، التي يطلق عليها أيضًا العيش المشترك، هي حالة خاصة في محيط ملتهب. السبب الذي ثبت الأردن في أكثر الفترات صعوبة هو محبة الأردنيين لبعضهم البعض والحكمة الهاشمية في إدارة شؤون الدولة.
– المسيحيون هم مكون أساسي في الأردن، وجدوا قبل وجود الإسلام في المنطقة، وهم من ساهموا في نهضة المنطقة الثقافية والسياسية.
– شدد على فكرة أن المسيحية والاسلام تنشران السلام الذي لا يمكن فرضه بالسلاح.
– السلام أمر ممكن في التنوع، بل إنه يشكل قوة.
– الحوار هو مفتاح إحلال السلام.
– نجح الأردن في حملته للدفاع عن الإسلام من خلال مبادرات مهمة مثل “رسالة عمان”، و”كلمة سواء بيننا وبينكم”، و”أسبوع الوئام العالمي بين الأديان”.
في كتابي “نحو الهزيع الرابع” لخص هدفه معالي السيد، علي الفزاع، وهو من أبرز الشعراء الاردنيين بقوله: “…الانحياز لكل قيم المحبة والتسامح والحرية واحترام انسانية الانسان وكرامته، بغض النظر عن اللون أو العرق أو الجنس أو الدين. محبة الانسان لاخيه الانسان هذه هي أيقونة هذا الكتاب، وهي مادته وغايته.”
وأما روايتي الاولى “تفوح نارديناً، فقد عبر عنها القاص والاديب الاردني، مفلح العدوان بقوله: “… قصصاً تشكل في مجموعها مجتمعاً مصغراً تتفاعل معه كل النزاعات والتوترات، يتم التعبير عنه إبداعياً، لحالات مختلفة، لكنها مؤطرة بتعاليم وأعراف تشكل عناوين أخلاقية ورسائل فكرية، أنتجت هذه المتوالية القصصية بلغة ساسة وهادئة.”
9) كيف توازنين بين نشاطك على مواقع التواصل الاجتماعي وعملك الصحفي والأدبي؟
كل شيء ممكن حيث توجد الإرادة وتنظيم الوقت. أخصص الفترة الصباحية عادةً لكتابة المقالات، وفي المساء أتابع وأشارك في مواقع التواصل الاجتماعي. عندما أعمل على إنتاج كتاب جديد، أضع خطة واضحة وألتزم بها. أما بالنسبة لعملي كرئيسة تحرير مجلة النادي الأرثوذكسي، فيعاونني في ذلك طاقم متمرس وكفؤ.
10) يمكن للإعلام الاجتماعي أن يكون أداة فعالة في نشر قيم التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة وفي نشر رسائل التعايش السلمي والحوار بين الأديان؟

الإعلام هو جزئية رئيسية في سيادة الأردن، وحرية الإعلام واستقلاله هما عاملان أساسيان مكنا الأردن من مواجهة التحديات وتعزيز أمنه. تلعب الصحافة والإعلام دورًا هامًا في إبراز الحقائق، وتعزيز الإيجابيات، والتركيز على الأمور التي بحاجة إلى تغيير أو تعديل أو تفعيل، بهدف المنفعة العامة والارتقاء بالمجتمع وأفراده. خلاف ذلك، يصبح الإعلام أداة لنشر ما نسميه “التضليل الإعلامي” ويشكل حاجزًا أمام كل تقدم. لذا، فإن الاختيار الدقيق لأشخاص الصحافة والإعلام لنقل واقع مجتمعهم وتمثيل بلدهم أمر في غاية الأهمية، وهي خطوة نطلق عليها “غربلة الإعلام”.
الإعلام الحقيقي هو الذي يتسم بالموضوعية والمصداقية، ويسعى لنقل الحقيقة كما هي دون تحريف أو تزييف. يتميز الإعلام الحقيقي بالالتزام بأخلاقيات المهنة، واحترام حقوق الأفراد، والحياد في تقديم الأخبار. يسعى الإعلام الحقيقي إلى تمكين المجتمع من الوصول إلى المعلومات الدقيقة والموثوقة، وبالتالي يساهم في بناء وعي جماعي مستنير، ويعزز من تماسك النسيج الاجتماعي وتطور المجتمع بشكل عام. الإعلام الحقيقي هو شريك أساسي في التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، ويعمل على تحقيق الشفافية والمساءلة في جميع المجالات.
11) هل من كلمة أخيرة توجهينها ؟

أشكركم على هذا اللقاء الذي سعدت به وتشرفت. لدي قناعة تامة بأن المجتمعات قادرة على الانتقال من حالات الصراع المستمر إلى السلم والمصالحة إذا كانت ثقافة الاحترام ونبذ العنف هي الطاغية، بالإضافة إلى تطبيق صارم للقانون. يحدث الازدهار في المجتمعات عندما تتعزز ثقافة الاحترام المتبادل، وهو قرار مجتمعي يتطلب عملًا دؤوبًا ومستمرًا. يبدأ هذا التحول بقرار وتغيير في الفكر، ومن ثم يشترك المجتمع في مواجهة التحديات، وتحقيق استقراره وازدهاره، وصياغة مستقبل أفضل.

إرسال التعليق

منوعات