توافق على حرمة القتل في الأديان السماوية ودعوة إلى السلام والمحبة
عروبة الإخباري – كتب طلال السُكر –
لا شك بأن القتل هو أحد أبشع الجرائم التي عرفتها البشرية عبر العصور، فهو انتهاك صارخ لحق الإنسان في الحياة الذي منحه الله له، تحرمه كل الديانات السماوية، في الإسلام والمسيحية، على حد سواء، بأن قتل النفس البريئة وتدعو إلى احترام الحياة البشرية باعتبارها هبة إلهية مقدسة. في هذا المقال، نستعرض موقف كل من القرآن الكريم والإنجيل المقدس من جريمة القتل، مستندين إلى الآيات التي تؤكد على قدسية الحياة وتحرّم إزهاق الأرواح بغير حق، ما يظهر التوافق العميق بين الأديان في رفض العنف والدعوة إلى السلام والمحبة.
القتل هو جريمة بشعة تستهدف حياة الإنسان، وهي تمثل اعتداءً صارخًا على حق الحياة الذي وهبه الله لكل نفس. لا يختلف أي دين سماوي على أن القتل جريمة عظيمة، وهو أمر مستنكر في كل الشرائع السماوية. في هذا المقال، نستعرض بعض الآيات القرآنية والإنجيلية التي تدين هذا الفعل.
في الإسلام، يُعتبر القتل جريمة عظيمة وواحدة من أكبر الذنوب التي يمكن أن يرتكبها الإنسان. الله سبحانه وتعالى حرّم قتل النفس البريئة واعتبرها جريمة تستوجب عقوبة شديدة في الدنيا والآخرة.
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا (سورة المائدة: 32).
هذه الآية تعبر عن خطورة قتل النفس البريئة، حيث يُعتبر من قتل شخصًا بريئًا كمن قتل البشرية كلها، ومن أحيا نفسًا كأنه أحيا البشرية.
كما قال الله تعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” (سورة الأنعام: 151).
الله يأمر بحفظ الحياة وعدم قتل النفس إلا وفقًا للعدالة والحق.
ومن الآيات التي تبين عاقبة القتل، قول الله سبحانه: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”** (سورة النساء: 93).
هذه الآية تؤكد العذاب الشديد لمن يقتل مؤمنًا عمدًا، مبينةً أنه سيخلد في جهنم ويلقى غضب الله ولعنته.
استنكار القتل أيضاً في الإنجيل المقدس: كما في القرآن، يعتبر الكتاب المقدس بأن القتل جريمة مروعة تخالف تعاليم الله، فالإنجيل يدعو إلى المحبة والسلام ويحث على الحفاظ على حياة الآخرين واحترامها.
في العهد الجديد، بأن السيد المسيح عليه السلام، علّم عن الحب والمغفرة، وحرّم الغضب والاعتداء على الآخرين، و يقول السيد المسيح في إنجيل متى: “قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم” (متى 5: 21-22).
في هذا التعليم، يؤكد يسوع أن حتى الغضب الباطل على الآخرين يعد مخالفة، فما بالك بالقتل الفعلي؟
كما يقول الكتاب المقدس في رسالة يوحنا الأولى: “كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس، وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه” (1 يوحنا 3: 15).
يشير هذا النص صراحة إلى أن الكراهية والبغض تجاه الآخرين بمثابة القتل الروحي، ويؤكد أن القتل لا يتفق مع الحياة الأبدية التي يهبها الله.
نجد أن القتل جريمة مدانة في كل الشرائع السماوية. القرآن الكريم والإنجيل المقدس كلاهما يشددان على حرمة النفس البشرية ويدعوان إلى احترام الحياة. الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأمر بحفظ الأرواح وحماية الحياة. يجب علينا أن نعيش في سلام ومحبة، وأن ننبذ العنف والقتل بكافة أشكاله، مسترشدين بتعاليم الله في كتبه المقدسة.
القتل ليس فقط اعتداءً على شخصٍ واحد، بل هو اعتداء على المجتمع كله وعلى الإرادة الإلهية التي تكرم الحياة الإنسانية
إرسال التعليق